غريب ان تنجب موريتانيا جيل Z قد يقاتل جيل Z قبل ان يواجه اعداء الوطن؟؟!
××÷÷÷÷÷÷
ينتمي جيل Z الى زمن لم يعد للعالم فيه صبر، جيل يتعلم من شاشة، ويغضب من تعليق، ويرى الدنيا كلها في مربع مضيء يحتل كفه. جيل يتحرك بسرعة الضوء، ويفكر بسرعة الشرارة، لكن شرارته احيانا تقع في غير محلها.
وقد راينا هذا الجيل في المغرب، كيف تشتعل منصاته في ساعات، وكيف ينقلب بعض شبابه على بعضهم بسبب قضية واحدة، وكيف يتحول اختلاف بسيط الى حملات ضارية تلتهم الاحترام قبل ان تلتهم الفكرة. ورايناه في بلدان اخرى كثيرة يتحرك كجمهور ملعب، لا ينتظر التفكير، بل يبحث عن فريق ينتصر له.
جيل ز قوي، ذكي، سريع، لكنه اذا ترك دون بوصلة قد يصبح وقودا لاي فتنة، وسهما في يد من لا يريد لهذا العالم خيرا.
---
وادور ظهري الى موريتانيا لافاجا سؤالا يقتحم ذهني: هل يمكن ان يكون جيل Z عندنا على الطريق نفسه؟ هل نحن نصنع جيلا يتوجه الى مواطنه قبل ان يتوجه الى قضيته؟ هل يمكن ان يخرج هذا الجيل للشارع يوما فلا يرى عدوه الا شبيهه؟
اقول ذلك لاننا نعيش في بلد اعتاد سياسيه ان يزرعوا الشقاق بدل الحكمة، وان يقيموا المنصة على صوت الخصومة لا صوت الفكرة. خطاب يعلو لينصر الفريق، لا لينصر الوطن. خطاب يتغذى على اثارة النفوس، لا على اعداد العقول. خطاب يجعل الشاب يشعر ان اخاه خطر، وان ابن جيله خصم، وان الفضاء العام ملعب لتصفية الحساب لا لتشكيل الوعي.
ومثلما ينقسم جمهور الكرة بلا عقل، ينقسم جمهور السياسة بلا وعي. وكل كلمة تلقيها المنابر تتحول عند جيل Z الى شرارة، وكل شرارة تتحول الى موجة، وكل موجة الى معركة لا نعرف لها نهاية.
جيل Z عندنا يتعلم من هذا المشهد كله. لا يسمع الحكمة الا قليلا، لكنه يسمع الصراخ كثيرا. لا يرى قدوة تبحث عن حل، لكنه يرى زعيما يبحث عن غلبة. وهكذا ينشأ جيل يرى في ابن جيله خصما جاهزا، لا رفيقا محتملا.
جيل Z يقاتل جيل Z... صورة تبدو كابوسا، لكنها ليست بعيدة اذا مضينا في هذا الطريق.
---
وليس هذا المشهد جديدا علينا، فقد خبرناه في ملعب الكرة وفي فضاء التفاهة. شباب تسمروا امام الشاشات في مباريات لا تعنيهم، ثم حملوا الهواتف ليخوضوا حروبا لا قيمة لها. يتقاتلون على اهداف لا تصنع وطنا، ويرفعون رايات لا تبني مجدا، ويحسبون ان عدد الاعجابات شهادة على الوعي، وان الضجيج دليل على الفكر. فاي ظلام هذا؟
وهكذا، حين يتولى السطح قيادة العمق، يسقط الوعي، وتفقد الامة بوصلتها، ويصبح كل شيء قابلا للاشتعال.
---
واخشى يا قوم ان نستيقظ ذات صباح فنجد ان موريتانيا انجبت جيلا يقف في الشارع، لا ليواجه خصوم الوطن، بل ليواجه صورته.
جيل ينظر في المرآة فيرى العدو في ملامح اخيه. جيل ينزل الى الساحة وهو يظن انه ينتصر لنفسه، بينما يهدم اساس البلد من حيث لا يدري.
هل سنرى يوما جيل Z يقاتل جيل Z؟؟!
هل سنصل الى اللحظة التي يتحول فيها ابن الجيل الى سلاح ضد الجيل نفسه؟؟!
هل هذا هو المستقبل الذي نصنعه بايدينا؟؟!
ان لم نصح اليوم، فان الغد قد لا ينتظرنا. وان لم نوقف شرارة الكراهية، فان النار حين تشتعل لن تميز بين اصبع واشتعال.
هذا هو الخوف الذي اقول به قبل فوات الاوان:
ان يخرج جيل Z عندنا فلا يقاتل خصوم موريتانيا، بل يقاتل موريتانيا نفسها.
---
تحياتي
أحمدو ولد أمبارك




